قال لي صديقي : أخبرتني بالأمس أن سنة النبي جمعت بصورة عامة في أواخر القرن الأول الهجري .
قلت له : نعم .
فسألني كيف حُفظت من التحريف ؟
قلت له : يا صديقي هذا يحتاج إلى شرح طويل سأحاول أن أختصره ، حتى يسهل عليك معرفته .
فقال لي": هيا هات ما عندك .
قلت يا صديقي : هل أنت متفق معي أن السنة هي المصدر الثاني للأحكام في الشرع ؟
فأجابني على الفور بنعم وبلا تردد .
قلت له وما هو المصدر الأول ؟ فتنهد صديقي وقال لي : هذا كلام معروف ، إنه القرآن الكريم .
قلت له : عذراً يا صديقي إنما أردت أن أقدم لما أقول'. فقال لي : تفضل ، وماذا ستقول ؟
قلت له : اعلم يا صديقي أن الله كما حفظ القرآن الكريم وهو المصدر الأول للأحكام .. حفظ كذلك السنة باعتبارها المصدر الثاني للأحكام ، ولأن السنة هي شقيقة القرآن الكريم فكلاهما وحي من الله ، قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) .
قاطعني صديقي وقال : ماذا تقول : السنة وحي مثل القرآن ؟
قلت له : يا صديقي القرآن لفظه ونصه كلام الله أوحى به للرسول محمد عن طريق جبريل .
أما السنة يا صديقي : فهي أيضاً وحي من الله للرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن تارة تكون بالوحي المباشر بنزول جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم .
وتارة أخرى تكون بأن يلهم الله النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر ويقذفه في قلبه .
وتارة ثالثة تكون باجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمر .
فقال لي صديقي : اجتهاد النبي في الأمر ؟ قلت له نعم .
قال لي صديقي : هل يخطأ النبي صلى الله عليه وسلم في اجتهاده ؟
قلت له: لن يتركه الله على خطأه ، بل سيبين له الصحيح بوحي آخر .
قال لي صديقي : أعطني مثالا حتى أفهم .
قلت له : ماذا فعل النبي بأسرى غزوة بدر من الكفار ؟
قال لي صديقي : نعم نعم ، أذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار العفو عنهم وأيده أبوبكر في العفو ، وفي المقابل عرض عمر بن الخطاب علي النبي قتلهم لما فعلوه بالمسلمين .
قلت له: جميل ، لأنه لم ينزل من الله حكم في الأسرىى، فاجتهد النبي ، لكن الله عفا عن رسول الله في اجتهاده وأنزل عليه التشريع في الأسرى .
قال صديقي : نعم الآن زاد فهمي كيف أن السنة أيضاً وحي من الله .
قلت له : إذاً يا صديقي هل يضيع الله سنة نبيه أم يحفظها كما حفظ القرآن حتى يحفظ الله شرعه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؟
قال صديقي : بل يحفظها حتى لا يصل إليها التحريف .
قلت له : جميل أنت تعرف كيف حفظ الله القرآن ؟ قال أعرف .. فقط ، أريد معرفة حفظ السنة .
قلت له : نحن إذاً يا صديقي متفقان أن الله أراد حفظ السنة كما حفظ القرآن ؟ قال صديقي : نعم .
قلت له : ومتفقان أن السنة في عهد النبي ومن بعده ، كان الصحابة يحفظونها ويتناقلونها بينهم ، وقليل منهم من كان يكتبها ، وكانوا جميعاً يحرصون على أن يكون نقلهم عن النبي دقيقاً حتى لا يقع فيه خطأ ؟
قال صديقي : نعم متفق معك .
قلت له : إذاً بدايتنا من آخر القرن الأول الهجري حين أمر عمر بن عبد العزيز بجمع السنة ؟
قال صديقي نعم .
قلت له : في بداية كتابة السنة في نهاية القرن الأول الهجري تم كتابة أحاديث الرسول وتوزيعها على البلدان .
ظهر الملل على صديقي وتأفف وقال لي': أراك تعيد الكلام !!!!!!
فقلت له :ﻻ ، بل أؤكده وأحاول تلخيصه فالأمر ليس سهلاً يا صديقي .
قال لي صديقي : وماذا في هذا القرن أيضاً غير كتابة السنة بأمر من عمر بن عبد العزيز ؟
قلت له : تنافس علماء هذا القرن في وضع المؤلفات العلمية في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن يا صديقي كانوا يجمعون بجانب كلام النبي صلى الله عليه وسلم أقوال الصحابة وفتاوى التابعين .
قال لي صديقية: مثل ماذا ؟ فقلت له : مثل (موطأ الإمام مالك) للإمام مالك صاحب المذهب المالكى .
سألني صديقي قائلاً : أعرف أن الصحابي هو كل شخص صحب أو رأى الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمنا ومات مؤمناً .. قلت له : أحسنت .
قال لي : فمن هو التابعي ؟
قلت له : هو من عاصر أصحاب النبي لكنه لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يراه .
قال لي صديقي : وماذا بعد ؟
قلت له: تأتي مرحلة القرن الثاني الهجري ، وبعدها القرن الثالث الهجري وما وضعه علماء هذين القرنين لتنقية سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت له : فأما القرن الثاني الهجري .......
قال لي صاحبي : مهلاً حتى لا أمل فأنت اليوم أطلت علي ّ، وفي الغد موعدنا ولكن أرفق بي ولا تعد الكلام كثيرا .
قلت له : عذراً يا صديقي ، لو تعلم ما أعانيه حين أكتب هذه السطور لدعوت الله لي من الآن إلى الغد بالفتح والتيسير ، فأنا لست بعالم وأحاول التيسير حتى يفهم كلامي الجميع .
قال لي صديقي : الغد إذاً موعدنا بإذن الله .
خالد مصطفى